في شعر خراسان خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين

نوع المستند : المقالة البحثیة

المؤلفون

1 استاد گروه زبان و ادبيات عربي، دانشگاه فردوسي ـ مشهد

2 دانشجوي دکتراي رشتة زبان و ادبيات عربي، دانشگاه فردوسي ـ مشهد

المستخلص

ازدهر الشعر العربي بخراسان خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين، وأصبحت خراسان بذلک ملتقى الأدباء والشعراء في تلک الفترة. من الألوان الشعرية التي ازدهرت وتطورت في خراسان الهجاء، وهو من الفنون القديمة التي نعهده منذ العصر الجاهلي. ينشأ عادة حينما يصطدم الإنسان بواقع يثير فيه السخط والغضب، فيجعله يعبّر عن هذا الغضب بالإشارة حيناً، وبالتصريح حيناً آخر، وبالکلام البذيء طوراً، وبأسلوب عفيف طوراً آخر.والقصد من هذا المقال هو البحث عن الهجاء في شعر خراسان خلال القرنين الرابع والخامس، کأزهى العصور الأدبية فيها، وتبيينه من ناحية الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا الفن الشعري مثل: الحرية وظلم العمال، وهکذا تبيينه من حيث الأنواع؛ کهجاء الأفراد وهجاء المدن وأهلها، وأخيراً تبيين أسلوبه من حيث استخدام الصنائع الأدبية فيها کالتضمين والجناس بمختلف أنواعها؛ وذلک لکي تتبين لنا مکانة الهجاء في شعر خراسان، وکذلک مدى إسهام شعراء هذه المنطقة في تطويره.
 

الكلمات الرئيسية


عنوان المقالة [English]

“Satire” in Khorasani Poetry in the Fourth and Fifth Centuries

المؤلفون [English]

  • Sayyed Mohammad Bagher Hosseini 1
  • Javad Gholamalizade 2
1 Associate Professor, Department of Arabic Language and Literature, Ferdowsi University – Mashhad.
2 Ph.D Candidate in Arabic Language and Literature, Ferdowsi University – Mashhad.
المستخلص [English]

     The fourth and fifth centuries are known as the golden age of Arab poetry in Khorasan, in such a way that Khorasan became a place for great poets and scholars from all over the Islamic world. One of the poetic genres culminated in this period is usually created when human is faced with an affair that irritates him and makes him angry and sad, and makes him interpret sometimes explicitly, sometimes implicitly, sometimes by nasty speech and sometimes by a virgin mode. Through analysis of related poems, the present study makes an attempt to investigate the reasons for creating satire, types of satire and its use in Khorasani poetry. 

الكلمات الرئيسية [English]

  • poetry/ poem
  • Satire
  • Khorasan
  • satire form Dehkhoda

أبو عبد الإله   بکلّ حال
 
 

 

لنا خِلٌّ من   الخَلِّ اشتقاقُه
 
 

 (الباخرزی، 1993م، ص 1450)

حیث اختلفت حرکة الخاء فی کلمة «الخِلّ» الأولى و«الخَلّ» الثانیة.

ومن الجناس المرکب المقرون قول الشیخ أبی علی الحسن فی شیخ کان یُری عینه عشواء. فخاطب الشاعر مخاطبه قائلاً: هذه هی أحوال الشیخ! کاشفِ الأمر إن شئت أو استره، وقد کاد السیف یطیر على رأسه شوقاً لیرُیق دم أوداجه:

عَشَا الشّیخ   من حُسـن منهاجه
 
 

 

فـکاشفْه إن   شئـتَ أَو داجهِ
 
 

فـقد کاد شـوقاً   ذُبابُ الحُسام
 
 

 

یـطیـر إلى دَم   أوداجهِ
 
 

(المصدر نفسه، ص 1261)

واختلف فی البیتین الرکنان «أو  داجه» و«أوداجه» إفراداً وترکیباً. وبما أن الرکنان یتفقان خطّاً یسمى «مقروناً».

هناک نقطة هامة جدیرة بالملاحظة، وهی أن الأهاجی فی خراسان إما کانت عفیفة بعیدة عن الفحش، أو عن تناول الأعراض؛ کما نرى فی هجاء الخوارزمی خلفاءَ بنی العباس الذین عاصروه، وأنفقوا الألقاب لخواصّهم بدل إنفاق الدراهم بین الناس رغم قلّتها:

ما لى رأیتُ   بنى العبّاس قد فتحوا
 
 

 

مِن الکُنى ومن   الألقاب أبوابا
 
 

ولقّبوا رجلاً   لو عاش أوّلهُم
 
 

 

ما کان یرضى   به لِلحَشِّ بوّابا
 
 

قلّ الـدراهمُ   فـی کَفَّی خلیفتنا
 
 

 

هذا فأنفق فی   الأقوام ألقابا
 
 

(الثعالبی، ب 1983م، ص 264)

أو فی هجاء أبی نصر القائنی شخصاً ثقیلاً باسم المعلّى، لصق بالأرض کأنما هو وتَدُها یحول دون زَلزَلة الأرض:

عَجَباً لأرض   الله کیف تَحَمَّلَت
 
 

 

ثِقلَ المعلّى   وهو منها أثقلُ!
 
 

وکأنما خُلِق   الفَتى وتَداً لهـا
 
 

 

حتى تَقَرّ به   فلا تتزلزل
 
 

(الباخرزی، 1993م، ص 1450)

وإما کانت تلک الأهاجی شدیدة مقذعة. على سبیل المثال بدیع الزمان الهمذانی یخاطب أبابکر الخوارزمی خلال مناظرته معه بألقاب وعبارات شنیعة لا یقولها أى إنسان، وذلک بعد أن هیّأ الجوَّ فی المجلس لمراده، وبعد أن رأى شیخوخة الخوارزمی وعدم قدرته فی الردة علیه قائلاً: أیها الخبیث الذی لا دین له! لقد حان وقت إفطارک من الصمت، واشتاقت نار جهنم إلى لقاءک. واعلم أن أمیر المؤمنین المرتضى وجعفراً الصادق وموسى الرضا لو کانوا یسمعون کلماتک الشنیعة التی تقولها بالکنایة والتعریض، لما کانوا مدافعین عنک بالسیوف الشاهرة. أیها الکلب! ویلک! لماذا تنبح على وجه القمر وتغتاب عمر؟

یَا نَذلُ یا   مَـأبُونُ أفطَرت فَمَه
 
 

 

لَشَدَّما   اشتاقت إلیک الحُطَمَه
 
 

إنَّ أمیرَ   المؤمنینَ المرتضى
 
 

 

وجعفرَ الصّادقَ   أو موسى الرّضا
 
 

لـو سَمعـوک   بالخَنـَا مُعـَرِّضاً
 
 

 

مـا ادَّخروا   عنک الحُسامَ المـنتضى
 
 

وَیلَـک! لِم   تَنبَح یا کلبُ القَمَر
 
 

 

ما لَک یا مأبُـونُ   تَغتابُ عُمَر؟!
 
 

(الحموی، د  ت، ص 198)

ولما اشتدّ هجوم بدیع الزمان على الخوارزمی، ضاق الخوارزمی ذرعاً وقال: ابتُلیتُ بشاعر یتهتک أستار الحیاء، بل ابتُلیتُ بأنیاب ذئب مُراوغ:

ولقد بُلیتُ   بشاعر متهتّک
 
 

 

لا بل بُلیتُ   بناب ذئب غاض
 
 

 (المصدر نفسه،ص 180)

ویلومه بعبارات لینة رجاء أن یهدّئه، ویتخلص من ذرب لسانه:

یا بدیعَ القول   حاشا
 
 

 

لک مِـن هَجوٍ   بَدیـع
 
 

وبحُسنِ القـول   عـوَّذ
 
 

 

تُک من سوء   الصّنیـع
 
 

لا یَعِبْ بعضُک بعضـاً
 
 

 

کُن ملیحاً فی   الجَمیع
 
 

(المصدر نفسه، ص 195)

ونحن نرى فی هجاء خراسان أشد من أبیات بدیع الزمان وأقذع؛ حیث یلفظ بعض الشعراء عبارات لیست من الأدب والأخلاق فی شیء. على سبیل المثال، قال یعقوب بن أحمد:

لنا صدیـقٌ أَیرُه   میّت
 
 

 

لکنما فُقحتُه   حَیّه
 
 

أَبغى من   الإبـرة لکنه
 
 

 

بزَعمه ألوَطُ   من حَیّه
 
 

 (الباخرزی، 1993م، ص 990)

وقال الأدیب الحسن بن یعقوب:

قل للغراب   اغرُب فحدُّ صوارمی
 
 

 

لم یَنْبُ یا   ابن القحبة البظراء
 
 

إن کـان ذنباً   مدحتیک فتَوبتی
 
 

 

خَلَصت فَقَد   قَفّیتُها بهجائی
 
 

(المصدر نفسه، ص 1039)

حصیلة البحث:

نستنتج من کل ما تقدم أن الهجاء من الألوان الشعریة التی وجد مکانته عند الشعراء فی خراسان، واهتم بها غیر قلیل منهم. ویرجع سببه إلى أسباب مختلفة؛ منها: الحریة وشیوع المفاسد الأخلاقیة وظلم العمال. إنهم تناولوا الهجاء فی ألوان مختلفة، من هجاء الأفراد إلى هجاء المدن وأهلها، وکذلک الهجاء المقصودة منه المباراة.

ومن حیث الأسلوب، فلابد أن نقول إنه یختلف عن أسلوب الهجاء فی القرون الماضیة؛ حیث استخدموا الصنائع الأدبیة من قبیل: الذم بما یشبه المدح، والتضمین، وخاصة الجناس ــ بمختلف أنواعه ــ کثیراً فی أهاجیهم؛ هذا ومن جهة أخرى نرى أن هذه الأهاجی متذبذبة لیست على حد سواء شدة وخفة. فبعضها خفیف عفیف، والآخر مُقذع شدید لیس من الأدب والأخلاق فی شیء.

المصادر والمراجع
أ. العربیة
1. ابن الأثیر، عزّ الدین علی بن محمد. (1966م). الکامل فی التاریخ. (ج 7). بیروت: دار صادر (أوفسیت من طبعة بولاق).
2. ابن عباد، إسماعیل. (1994م). المحیط فی اللغة. (ط 1). بیروت: عالم الکتب.
3. ابن منظور، محمد بن مکرم. (1992م). لسان العرب. (ج 15). (ط 2). بیروت: دار إحیاء التراث العربی.
4. الأصبهانی، عماد الدین محمد بن صفی الدین. (1999م). خریدة القصر وجریدة العصر. (ج 8). (ط 1). طهران: آینه.
5. أنیس، إبراهیم وآخرون. (د ت). المعجم الوسیط. (ط 2). طهران: منشورات ناصر خسرو.
6. الباخرزی، علی بن الحسن. (1993م). دمیة القصر وعصرة أهل العصر. (ج 2). (ط 1). بیروت: دار الجیل.
7. البستی، علی بن محمد. (1989م). دیوان أبی الفتح البستی. (تحقیق درّیّة الخطیب، ولطفی الصقال). دمشق: مجمع اللغة العربیة.
8. الثعالبی، عبدالملک بن محمد. (آ 1983م). یتیمة الدهر فی محاسن أهل العصر. (ج 3). (ط 1). بیروت: دار الکتب العلمیة.
9. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (ب 1983م). یتیمة الدهر فی محاسن أهل العصر. (ج 4). (ط 1). بیروت: دار الکتب العلمیة.
10. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (د ت). ثمار القلوب فی المضاف والمنسوب.(تحقیق محمد أبو الفضل إبراهیم). القاهرة: دار المعارف.
12. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (د ت). المنتحل. (صحّح روایته وترجم لشعرائه أحمد أبو علی). القاهرة: مکتبة الثقافة الدینیة.
13. الحموی، یاقوت بن عبدالله. (د ت). إرشاد الأریب إلى معرفة الأدیب المشهور بـمعجم الأدباء (. (ج 2). بیروت: دار المشرق.
14. الشنقیطی، أحمد بن الأمین. (1993م). شرح المعلقات العشر وأخبار شعرائها. (ط 3). القاهرة: مکتبة الخانجی.
15. ضیف، شوقی. (د ت). التطور والتجدید فی الشعر الأموی. (ط 9). القاهرة: دار المعارف.
16. عطوان، حسین. (1989م). الشعر فی خراسان. (ط 2). بیروت: دار الجیل.
17. یعقوب، إمیل بدیع ومیشال عاصی. (د ت). المعجم المفصل فی اللغة والأدب. (ج 2). بیروت: دار العلم للملایین.
 
ب. الفارسیة
18. تویسرکانی، قاسم. (1350هـ. ش). زبان تازی در میان ایرانیان. طهران: دانشسرای عالی ایرانیان.
19. جرفادقانی، ناصح بن ظفر. (1357هـ. ش). ترجمة تاریخ یمینی. (تحقیق الدکتور جعفر شعار). طهران: بنگاه ترجمه ونشر کتاب.
20. شبانکاره‌ای، محمد بن علی. (1363 هـ. ش). مجمع الأنساب. (تحقیق محمد هاشم محدث). طهران: أمیر کبیر.
21. صفا، ذبیح الله. (1351 هـ. ش). تاریخ ادبیات در ایران. (ج 1). (ط 4). طهران: أمیر کبیر .
22. عوفی، محمد. (1335 هـ. ش). لباب الألباب. (تصحیح سعید نفیسی). (ج 1). طهران: دون نا.