نوع المستند : المقالة البحثیة

المؤلفون

1 أستاذ مشارک في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة شيراز.

2 المتخرجة بدرجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة شيراز

المستخلص

الأسلوبية هي منهج نقدي تتمحور حول معطيات علم اللغة العام والبلاغة، وهي تتبع للظواهر اللغوية في النص وتفسير للسمات الجمالية في العمل الأدبي ويبتني تحليلها على ثلاثة عناصر هي: النص، والمبدع، والمتلقي. تعدّ الأسلوبية إحدى تيّارات الدراسات الأدبية في العصر الحديث التي قد اهتمت في دراستها بالنص الأدبي بتناول قيم اللغة والبعد الدلالي لها، وقيم الترکيب والبعد التعبيري فيها وتلمس القيم الجمالية والبعد التأثيري لها.
 وقد اتخذت هذه المقالة منهج الأسلوبية الوصفية أساسا في دراستها وتطرقت إلى دراسة الظواهر الأسلوبية الهامة في سورة الأنعام التي تعدّ من السور الطوال الّتي تتحدث عن العقيدة وتنشد بجميع ألفاظها وعباراتها وصورها نشيدا واحدا وهو وحدانية اللّه $ وحقانيته،معتمدة على المستوى البلاغي وتناولت بعد تبيين الأسس النظرية للبحث، الظواهر الأسلوبية من خلال أسلوبية التکرار، وأسلوبية التقديم والتأخير، وأسلوبية الاستفهام، وأسلوبية الالتفات، وأسلوبية الحوار.
وصلت المقالة أخيراً إلى أن تکرار الظواهر الأسلوبية آية من الآيات الباهرة للوحدة العضوية والموضوعية في السورة المدروسة وأنّ التقديم والتأخير من الظواهر الأسلوبية البارزة فيها وأن الحوار الأسلوبي يعطي السورة جماليتها التصويرية واللغوية وهو أداة فنية لإنشاء العلاقة بين آيات السورة. والحق أنّ هذه الظواهر تتجسد في النقطة المرکزية للسورة وهي الجدال بين الشرک والإيمان.

الكلمات الرئيسية

عنوان المقالة [English]

Stylistics Manifests in An’âm (The Cattles) Surah

المؤلفون [English]

  • hosein kiani 1
  • samane ghalavand 2

1 Associate Professor, Department of Arabic Language and Literature, University of shiraz

2 ** M.A student in Arabic Language and Literature, University of shiraz,

المستخلص [English]

Stylistics is one of the branches of literary criticism benefiting from linguistics and rhetoric to analyze the text and emphasizes on three essential elements namely text, writer and addressee in literary and critical examination of the work.

An’âm (The Cattles) Surah is a the long Surah of Koran indicating mainly three columns of Islamic ideology and all the vocabulary and artistic images is a song to announce the unity of Allah and his rightfulness. This article has selected the An’âm Surah to analyze stylistics in order to show the beauties of the knowledge, expressions and miraculous rhetoric in it to be a useful step for more researches in line with new literary critics.

Having focused on descriptive – stylistics analysis method the study examines the theoretical fundamentals and stylistics appearances after a short introduction then it is the comparative research chapter namely examination of the most important stylistics appearances in the Surah through five items: repetition, priority and posteriority, interrogation, goodwill and conversation.

Of the most important stylistics appearances in the Surah is repetition of the words, phrases and sentences which is a technical device to express the and emphasize on Allah’s unity. Priority and posteriority are of prominent appearances of stylistics in the Surah which are often useful in allocations and invitation to unity and is a very artistic method to create attempts in the Surah and the addressee’s mind. The conversation in the Surah is a technical device to show Allah’s rightfulness and his prophet’s and sometimes mixed with real images to create an effective method for preaching Islam and its confirmation by the pagans. It is obvious that all stylistics appearances are more present when the conflict between faith and paganism is designed in the Surah

الكلمات الرئيسية [English]

  • Key words: Stylistics appearances
  • An’âm Surah
  • Repetition
  • priority and posteriority
  • interrogation
  • goodwill and conversation

 

 

1ـ المقدمة

1ـ1ـ تحدید الموضوع

تتمثل مشکلة الدراسات النقدیة الحدیثة فی تناولها السطحی للنصوص واعتمادها على الظواهر الشکلیة فی معالجتها، فالعملیة النقدیة للنص الأدبی لا تتوقف عند مرحلة شرح النص وتوضیح معناه العام، والواقع أن الاعتماد على الشکل یهبط بمستوى النص إلى درجة یفقد فیها جمالیتها الممیزة له ووسائله التعبیریة الخاصة ومن هنا تبرز أهمیة الأسلوبیة فی تجاوزه دور النقد السطحی فی التعامل مع النصوص وتحلیلها وقد تمیزت الدراسات الأسلوبیة الحدیثة بتناولها الناضج والعمیق للنصوص وقدرتها على الکشف عن مواطن الجمال فیها مستفیدة من علم اللغة ودراساته العلمیة التی تغذى الدراسات النقدیة والدراسات البلاغیة، بحیث تتجاوز الجوانب الشکلیة للنص والنقد الذی یقوم على الشرح والتفسیر (کتانه،2000م، ص 34).

وبما أنّ النص القرآنی هو النص الذی یخاطب جمیع البشر فی کل زمن من الأزمان تکشف الدراسة الأسلوبیة فیه الستار عن إعجازه. وبما أن السورة لها میزات وظواهر أسلوبیة بارزة تساعد على انتقال المفاهیم الدینیة والأخلاقیة للمتلقی، اختیرت دراسة الظواهر الأسلوبیة فیها کموضوع لهذه المقالة.

 

1ـ2ـ الدراسات السابقة

قد سبقت هذه الدراسة دراسات، أهمها:

ـ أبو­العدوس (2010م)، قام فی کتابه ببیان تاریخ الأسلوبیة ویرى أن الأسلوبیة هی مذهب نقدی یقوم بتحلیل أسلوب الکاتب حسب النظر إلى ثلاثة محاور هی المبدع والنص والمتلقی. ثم عرّف مناهج الأسلوبیة الأربعة وهی الأسلوبیة الوصفیة، والأسلوبیة الفردیة، والأسلوبیة الوظیفیة والأسلوبیة الإحصائیة.

ـ شکری عیاد (1993م)، تطرق إلى بیان الفروق بین الأسلوب والأسلوبیة ودرس کیفیة التحلیل الأسلوبی مستشهداً ببعض أشعار المعاصرین وتحلیلها تحلیلاً أسلوبیاً.

ـ عبدالرحمن ( 2006 م)، قام بدراسة أسلوبیة نقدیة فی سورة "الکهف" فدرس دراسة نقدیة وصفیة للسورة القرآنیة، وأشار إلى أسلوبیة العلاقات الترابطیة والأسلوبیة الدلالیة.

ـ معین رفیق أحمد صالح (2003م)، تطرق إلى دراسة الأسلوبیة فی سورة "مریم" وقام بدراسة السورة متبعا المنهج الأسلوبی الوصفی والإحصائی واستفاد من الدراسة الفنیة والموضوعیة معا فی تقسیم أبواب الرسالة.

ـ شاملى وحسنعلیان (1432هـ)، قدّم الباحثان ورقة بحثیة فی دراسة سورة "ص" وهی تعطی المخاطب تصویرا لأهم الظواهر اللغویة والبلاغیة للسورة خلال الدراسة الأسلوبیة.

وهذه المقالة حذت حذو الدراسات السابقة الذکر ودرست الظواهر الأسلوبیة فی سورة الأنعام التی لم یهتم بها باحث بعد.

 

1ـ3ـ أسئلة البحث

تسعى هذه الدراسة الإجابة عن السؤالین التالیین:

 الأول: ما هو أهم الظواهر الأسلوبیة فی سورة الأنعام؟

الثانی: ما هو الغرض الفنی لهذه الظواهر فی سورة الأنعام؟

 

1ـ4ـ هدف البحث

تهدف هذه الدراسة إلى معرفة أهم الظواهر الأسلوبیة فی السورة وتبیین دور هذه الظواهر فی بیان الغرض الدینى والوحدة الفنیة فیها.

1ـ 5ـ منهج البحث

عدّ الباحثون الأسلوبیون أربعة المناهج للأسلوبیة وهی: الأسلوبیة الوصفیة، والأسلوبیة الفردیة، والأسلوبیة الوظیفیة والأسلوبیة الإحصائیة (ابوالعدوس،2010م، ص 88).

تعنی الأسلوبیة الوصفیة بمعالجة تعبیر اللغة بوصفها ترجمان أفکار الإنسان وترکز على اللغة وتحاول إبراز الملامح الأسلوبیة فی اللغة للکشف عن المضمون الوجدانی (أبوالعدوس،2010م، ص 89). وقد أقیمت تحلیلاتها على المستویات التالیة: المستوى الصوتی، المستوى الترکیبی، المستوى الدلالی، المستوى البلاغی (کتانه،2000م، ص 39).

المستوى الصوتی: یرتکز على دراسة الأنماط التی تخرج عن النمط العادی، والتی تؤثر بشکل لافت فی الأسلوب. وتُدرَس فیه المتغیرات الأسلوبیة الصوتیة، کالنبر، والوزن، والمقطع، والمدّ، والتکرار، والإدغام، والجناس، والتناغم (جیرو،1994م، ص 61).

المستوى الدلالی: یعتبر المستوى الدلالی من أهم عناصر البحث والتحلیل الأسلوبی، ویتمّ الترکیز على المفردات لأنها تعتبر المصدر الأساس للتعبیریة، فیدرس فیه الآثار الطبیعیة والآثار الاستدعائیة للألفاظ ویبحث عن العلاقات الترابطیة بین الألفاظ الواردة فی النص الأدبی وتأثیرها على عاطفة المخاطب (المصدر نفسه،ص 64).

المستوى الترکیبی: یتناول الدراس فیه عن الجملة والفقرة والنص وما یتبع ذلک، مثل الاهتمام بـدراسة طول الجملة وقصرها، ودراسة العلاقة بین الصفة والموصوف، ودراسة الصیغ الفعلیة، ودراسة الأعداد والصلة.

المستوى البلاغی: یتضمن هذا المستوى دراسة الظواهر الأسلوبیة، مثل أسالیب الاستفهام، والأمر، والنداء، والقسم، والتعجب، والمعانی البلاغیة التی تخرج عن معانیها الأصلیة، ودراسة الصور الفنیة التی تشتمل على الاستعارة والتشبیه والمجاز والکنایة والصور التی بنیت على الحقیقة ولها دور بارز فی النص ودراسة البدیع ودورها فی النص (کتانه، ص 39).

فالأسلوبیة الوصفیة أقامت تحالیلها على المستوى اللغوی والمستوى البلاغی، فیدرس الأول الأسلوبیة الصوتیة والأسلوبیة الدلالیة والأسلوبیة الترکیبیة «الصرفیة والنحویة»، ویبحث الثانی عن الظواهر الأسلوبیة وأسلوبیة التصویر وأسلوبیة البدیع. ومن هذا المنطلق حاولت المقالة أن تقوم بدراسة الظواهر الأسلوبیة فی سورة الأنعام ابتداء بتعریفها ودورها اللغوی والفنی فی النصوص الأدبیة والنص القرآنی.

 

1ـ 6ـ سورة الأنعام

سورة الأنعام سورة مکیة وهی سورة مکیة ثانیة فی ترتیب المصحف على حسب تدوینها. عدد آیاتها 165آیة وعدد کلماتها 3053 کلمة. قال الإمام الفخر الرازی فی تفسیره مفاتیح الغیب: «إن هذه السورة اختصت بنوعین من الفضیلة أحدهما نزلت دفعة واحدة والثانی أنها شیعها ألفٌ من الملائکة والسبب فی ذلک أنها مشتملة على دلائل التوحید والعدل والنبوّة والمعاد وإبطال مذاهب المبطلین والملحدین» (الفخر الرازی،1990م، ج 6، ص 117).

سمیت هذه السورة سورة الأنعام، والأنعام ذوات الخف والظلف: وهی البقر والإبل والغنم بجمیع أنواعها، لأنها هی السورة التی عرضت لذکر الأنعام على تفصیل لم یرد فی غیرها من السور، فقد جاءت بحدیث طویل عن الأنعام استغرق خمس عشرة آیة، من أول الآیة 136 إلى آخر الآیة 150 (شحاته، 1976م، ص 75).

 إن الأغراض الرئیسیة التی استهدفتها هذه السورة الکریمة هی تبیین العقائد الأساسیة الثلاثة التی کان المشرکون یومئذ یعاندون فیها، وهذه العقائد الأساسیة هی: أولاً: توحید الله، ویتصل بهذا إقامة الدلیل على وحدة الألوهیة، بلفت النظر إلى آثار الربوبیة، وإلى صفات الله الخالق المتصرف، کما یتصل بها إبطال عقیدة الشرک، وشبهات المشرکین. ثانیاً: الإیمان برسوله الذی أرسل، وکتابه الذی أنزل، وبیان وظیفة الرسول وردّ الشبهات التی تثار حول الوحی والرسالة. وخلال هذا یأتی بأخبار سائر الرسل کإبرهیم A لبیان حقانیة الرسول 9 لأنه إبراهیم صاحب المقام الأفضل عند العرب وجمیع الأدیان السماویة الأخرى. ثالثاً: الإیمان بالیوم الآخر وما یکون فیه من ثواب وعقاب وجزاء (المصدر السابق، ص 79)، فللوصول إلى هذا الغرض یستفید من الطبیعة وما فیها من التغییر والتحول ومن سائر العوالم الطبیعیة فیها.

 

2ـ الظواهر الأسلوبیة فی سورة الأنعام

إن الأسلوبیّة فرع من اللسانیات الحدیثة التی تعنی بتحلیل الأسالیب الأدبیة والاختیارات اللغویة وتهتمّ بدراسة الطریقة الفنّیة فی التعبیر عن الدلالات أو المعانی، وتربط الدراسات الأسلوبیة بین اللغة والأسلوب فی دراسة النص (عیاد، 1981م، ص 13 ـ 14)، فهی لا ترکز على شکل اللفظة بل على عمق دلالاتها متجاوزة مرحلة التبسیط «إلى مرحلة أعمق عندما تتعامل مع لغة النصّ تعاملا فنّیّا من خلال إبراز الظواهر اللغویّة الممیّزة ومحاولة إیجاد صلة بینها وبین الدلالات التی عن طریقها یمکن الوصول إلى المعنى الغائب فی النصّ، وبذلک تتشکل القیمة للغة التی تشکل منها النصّ، ثم انتظام هذه الکلمات فی جمل ونظام الجمل فی فقرات وتضافر هذه الأنساق مع المعنى» (عودة، 2003م، ص 51 ـ 52).

دراسة الظواهر الأسلوبیة فی النصوص هی إحدى مستویات البحث فی المستوى البلاغی للأسلوبیة الوصفیة وإن الغرض منها هو البحث عن التغیرات اللغویة فی نظام الجملة عند البلاغیین وعن العلاقة بین هذه التغیرات والمعنى المقصود من الکلام وهو من أبرز نقاط الالتقاء بین علم المعانی والأسلوبیة (عودة، 2006م، ص 54). «مفهوم الظاهرة فی علم الأسلوب یشیر إلى الملمح التعبیری البارز الّذی یؤدّی وظیفة دلالیة تفوق مجرد دوره اللغوی ویقتضی هذا أن یکون للملمح نسبة ورود عالیة فی النص وتجعله یتمیز عن نظائره فی المستوى والموقف وأن یساعدنا رصده على فک شفرة النص وإدراک کیفیة أدائه لدلالته» (فضل،1981م، ص 210).

ترکز الظواهر الأسلوبیة على الظواهر اللغویة والبلاغیة التی تکرّر فی سیاق النص وترشد الباحث إلى روحیة المبدع ومقدار جودة کلامه من جانب وتظهر له الظروف الروحیة والفکریة للمتلقی الذی یرسل إلیه هذا الخطاب الأدبی من جانب آخر.

من أهم هذه الظواهر التی یمکن من خلال دراستها أن تتم عملیات الکشف الجمالی والنقدی للنص والکشف النفسی عن المخاطب القرآنی فی سورة الأنعام هی ظاهرة التکرار، والتقدیم والتأخیر، والاستفهام، والالتفات والحوار. واختارت الدراسة هذه الظواهر المتکررة التی تؤدی دورا تعبیریا ملاحظا فی السورة.

 

2ـ 1ـ أسلوبیة التکرار

لعل أهم الظاهرة الأسلوبیة التی انتشرت فی معظم الدراسات الأسلوبیة التی عناها الباحثون الأسلوبیون أکثر من غیرها هی ظاهرة التکرار (صالح،2011م، ص 3). تکشف دراسة التکرار فی السور والآیات القرآنیة، الستارَ عن البنیة العمیقة لهذه التکرارات الأسلوبیة. سیوجد فی هذا المستوى تکرار للحروف والکلمات والجمل والموضوعات، کالقصص القرآنیة أو تکرار مضامین العقیدة، کالتوحید والنبوة والبعث، کما هو شأن فی سورة الأنعام. ولقد بلغت هذه المتکررات قمة الإعجاز، بحیث یمکن اعتبارها من علامات التنبیه على الإعجاز الذی لا یدرک إلا بعمق الفهم والفقه والتذکر فی کل سورة من سور القرآن، حتى یدرک الإنسان المستوى الواجب من یقظة العقل والتدبر حتى یقرأ القرآن لاکتشاف آفاق أخرى من آفاق إعجازه التی لا تنتهی (الکرمانی،د.ت، ص 22).

 

2ـ 1ـ 1ـ التکرار فی الألفاظ 

 من الألفاظ المتکررة فی سورة الأنعام لفظة جلالة «الله»، «رب»، «قل»، «ثم»، «ظلم»، «الکفر»، «الهدى»، «الأرض» و«السموات».  هذه الألفاظ من أکثر الألفاظ ورودا فی السورة ولها دور أساس فی تأکید التوحید والجدال بین الحق والباطل ولها علاقة وثیقة بالتناسق الفنی والموضوعى فی السورة.

   الله:کان لتکرار کلمات بعینها علاقة وثیقة بالتأکید على بعض العقائد الإسلامیة المهمة التی لا إیمان للشخص من دون الاعتقاد بها ومن هذه العقائد توحید الله (شاملى وحسنعلیان،1432هـ، ص 75). لکلمة «الله» أهمیة خاصة فیها حیث یوحی تکرار هذه الکلمة بذروة التقدیس لها ویوحی للمتلقی بأن الهدف الرئیس فیها هو التوحید وترسیخ حقانیة الله $ والنبوة والمعاد فی نفوس وعواطف البشر. وهی السورة الوحیدة التی جاء فیها لفظ «الله» متکررا سبعین مرة.

ربّ: جاءت کلمة «رب» مضافة إلى ضمیر الخطاب «ک» (83، 106، 113، 117، 120، 126، 129، 131، 132، 133، 146، 158، 165)، وضمیر المتکلم المفرد «ی» (15، 57، 76، 77، 78، 80، 81، 161)، اللذینِ یرجعان إلى الرسول & أو إبراهیم A ویشیر هذا التکرار إلى العلاقة الشدیدة بین الله $ ونبیه 9 ویلقی هذا على الرسول 9 التسلیة والهدوء الروحی، فیشعر الرسول 9 بحضور الله تعالى فی جمیع الساحات ویؤکد للمخاطب أن محمدا 9 هو النبی الحق المرسل من جانب الله تعالى. هذا التکرار هو تأکید لحقانیة الرسول الأکرم محمد 9 وتأصیل لأصل النبوة فی روح المخاطب الذی یرشده رسول الله إلى الصراط المستقیم وإن إضافتها إلى «هم» (1، 4، 30، 38، 51، 52، 109، 127، 151، 155)، الذی هو الراجع إلى المشرکین والمعاندین دالة على أن الله $ هو مالک المشرکین ورازقهم ومحاسبهم على أعمالهم وإن کانوا ینکرون حقانیته.

   قل: تکرار هذه لفظة یکشف الستار عن الطابع الحواری فی السورة ویبین اهتمام الله تعالى بالأحکام والأصول التی ذکرت فیها. وإنّ السورة منقسمة إلى ثلاثة مقاطع من حیث تکرار هذه الصیغة، فالقسم الأول من الآیة «11 إلى 19» والثانی من الآیة «37 إلى 71» والثالث من الآیة «143» إلى آخر السورة. کثر تکرار هذا اللفظ فی مخاطبة الله النبیَ متحدثاً عن أصول العقیدة، فیظهر قطعیة حکم الله $ فی هذه السیاقات التی یرد فیها لفظة «قل». وإن تکرار «قل» فیها مظهر من مظاهر اهتمام الله $ بالموضوع الرئیس فیها.

   ثم: ذکرت لفظة «ثمّ» فی الآیة الأولى والثانیة من السورة: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِرَبِّهِمْ یَعْدِلُونَª (الأنعام 6: 1)، «هُوالَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ طِینٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَª (الأنعام 6: 2)، وذکرها فی بدایة السورة مکررة یلقی على المخاطب قبح عمل المشرکین والجاحدین أمام الله $ ودینه.  ویشجّع المخاطب على مواصلة قراءة السورة والتدبر فی معانیها حتى یدرک سرّ هذا التعجب من عمل المشرکین فیتأمل المتلقی فی مظاهر الخلقة والعدم والوجود، فیتغلغل روحه فیبحث عن الاطمئنان النفسی والوصول إلى الهدوء الروحی فیواصل الکلام ویصل إلى هذا الاطمئنان خلال التدبر فی الآیات التالیة. هذه إحدى السبل المستخدمة فی السور القرآنیة لترغیب وتنشیط ذهن المخاطب إلى التدبر فی آیات الله تعالى فی الدنیا والآخرة.

الأرض والسموات: ذکرتکلمة «الأرض» فی کل السیاقات مع ذکر السماء مفردة أو مجموعة مع اللوازم التی تحضر صورة السماء فی ذهن المتلقی. استخدمت لفظة السماء وحدها اثنتی عشره مرة. یبین ذکر هاتین الکلمتین معا فی السورة، أنّ القدرة الأعلى للخالق تعالى، کما یشاهد فی الآیة: «بَدِیعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى یَکُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَکُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ کُلَّ شَیْءٍ وَهُوَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌª (الأنعام 6: 101) وفی الآیات (1 ،3،  12، 14، 73، 251). ویفید هذا التکرار تقریر العقیدة فی ذهن المتلقی. وإن الغرض الأساس من تکرار هاتین اللفظتین هو أن الله $ هو مدبر جمیع الأمور فی السموات والأرض.

الکفر والهدى:ذکرت مادة «کفر» تسع مرات، ثلاث مرات فی وزن اسم الفاعل وست مرات فی الصیغ الفعلیة، وجاءت مادة «الهدى» أربعا وعشرین مرة، أربع مرات على زنة اسم الفاعل «المهتدین» وثلاثا وعشرین مرة فی الصیغ الفعلیة. بالنظر إلى الألفاظ التی تشیر إلى المعاندین والکفار یدرک أن هذه السورة نزلت فی زمن الجدل والمناظرة بین النبی 9 والکفار لأن هذه الآیات التی وردت فیها هذه اللفظة تتحدث عن أعذار المشرکین أمام الإسلام والإیمان بالله تعالى وعن وصف حالتهم الروحیة وسوء مصیرهم فی الآخرة، فالمؤمنون واثقون بسعادتهم الآخرویة لکن المشرکین والکفار هم الذین یصرّون على عقیدتهم الباطلة، لهذا ذکر الله تعالى أوصافهم فی بدایة الآیة أو ختام الآیة ویخاطبهم بالأصوات الشدیدة نحو الآیة:«ذَلِکَ هُدَى اللَّهِ یَهْدِی بِهِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوأَشْرَکُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَª(الأنعام 6: 88).

 

2ـ 1ـ 2ـ التکرار السیاقی

التکرار السیاقی هو التکرار فی مفهوم الآیات القرآنیة أو تکرار الغرض الدینی خلال تکرار الجمل المترادفة فی الألفاظ والمعانی. استخدم هذا التکرار فی السیاقات التی تبین الوحدة الإلهیة، فاستخدمت جملة «لا إله إلا هو» ومرادفه «إنما هو إله واحد» ثلاث مرات فی السورة وهذا یؤیّد حقانیة وحدانیة الله تعالى. وتعدّدت الآیات التی تخبر عن وحدانیة الله تعالى فی القرآن الکریم فأبانت أنه لارب غیر الله $ ولا معبود سواه یستحق العبادة. قد تنوعت أسالیب هذه الآیات الکریمة مع أن معناها الأولی جمیعا هو الإخبار عن وحدانیة الله تعالى فی ربوبیته وألوهیته وأسماءه وصفاته (القرنی،1998م، ص 93). وهذا واضحٌ فی الآیات الثلاث (19)(102) (106).

ومن المواضع الأخرى للتکرار السیاقی الجملات التی تؤکد تکذیب المشرکین الله $، نحو «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ کَذِبًا أَوکَذَّبَ بِآَیَاتِهِ إِنَّهُ لَا یُفْلِحُ الظَّالِمُونَª (الأنعام 6: 21)، و«فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ کَذَّبَ بِآَیَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ عَنْ آیَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا کَانُوا یَصْدِفُونَª (الأنعام 6: 157). یعبّر القرآن عن تکذیب الرسل ودین الحق وکذب المشرکین فی ادعائهم وعدولهم عن آیات الحق، کالظلم، فالشرک، والتکذیب بآیات الله $ هو أشد الظلم فی العالم. یؤکد تکرار هذا السیاق شناعة الشرک عند الله سبحانه فکما لایغفر الله الظالمین، لایغفر المشرکین والمکذبین لدین الحق.

وملخص القول أنّ التکرار هو أهم ظاهرة أسلوبیة فیها وهو لون بارز یعطیها انسجاماً إیقاعیاً وترکیبیاً. وبما أن النص القرآنی یؤکد على المحاور الثلاثة فی العقیدة وهی «التوحید والنبوة والمعاد» فأسلوب التکرار له دور هام فی ترسیخ هذه المحاور الثلاثة. وبما أن النقطة المرکزیة للنص فی السورة هی التوحید فتکرار بعض الألفاظ، کـ«الأرض» و«السموات» یدعو ذهن المتلقى إلى التدبر فی مظاهر خلقة الله $ والتفکر فی آیات وجود الله $ والمعاد ثم یأتی بعد هذه المتکررات تکرار لفظة الجلالة «الله» و«ربّ»  مع تکرار صیغة الفعل «قل» وهذه المقاطع من الکلام تأمر بإطاعة الله $ وتنبّه المتلقی على حقیقة التوحید وینذره من یوم الدین وعذاب الآخرة وهذا ذروة تناسب الکلام والنص بالمتلقی والعنایة بالظروف الفکریة للمتلقی الذی هو منکر أو شاک فاستخدام مظاهر الطبیعة یکون کأدلة لبیان الحقائق الدینیة التی تلزم المخاطب وتدعوه إلى قبول الحق.

 

2ـ 2ـ أسلوبیة التقدیم والتأخیر

ظاهرة التقدیم والتأخیر للألفاظ تعطی النص جمالیة، وتکمن وراء عملیة الترکیب من التقدیم والتأخیر لطائف بلاغیة قد لا یلمس أثرها وفق الترکیب المعیاری لتراکیب اللغة. للتقدیم والتأخیر فوائد بلاغیة متنوعة؛ ما بین الکشف عن البنیة العمیقة والدلالة البعیدة وما یفید من اختصاص المتقدم. بما أن لکل نص أدبی خصوصیته التی علیها تنتظم تراکیبه وأبنیته، لذا ستوجد أمثلة متنوعة من التقدیم والتأخیر تتوافق بعضها وأخرى تتمایز وذلک لطبیعة معطیات النص المتنوعة (عبدالرحمن،2006م، ص 95).

صار التقدیم والتأخیر فی السورة ظاهرة أسلوبیة جاءت بالعدید من المعانی البلاغیة واللفتات الجمالیة. وبما أن أبرز أسالیب التقدیم والتأخیر هو تقدیم الخبر على المبتدا، وتقدیم المفعول على الفعل والفاعل، وتقدیم الجار والمجرور والتقدیم المعنوی حاولت المقالة الوقوف على دراسة هذه الأسالیب.

 

2ـ 2ـ 1ـ تقدیم الخبر على المبتدأ

تقدم الخبر فی السورة على المبتداء سبع عشرون مرة (بوراس،2009 ـ 2008م، ص 111)، والغرض الأصلی هو اختصاص حاکمیة الله تعالى على العالم واختصاص العاقبة الصالحة للمتقین والعذاب الألیم للکفار، فتقدیم الجار والمجرور «لَه» فی الآیة: «وَلَهُ مَا سَکَنَ فِی اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوالسَّمِیعُ الْعَلِیمُª (الأنعام 6: 13)، یدلّ على الحصر والاختصاص، وهو حصر الساکنین فی کونها له لا لغیره؛ أی فی کون ملکها التام له. وفیها تقدیم آخر وهو تقدیم اللیل على النهار لأن السکون فی اللیل أغلب منه فی النهار. قال الفخر الرازی فی معرض حدیثه عن  السورة: «ها هنا دقة أخرى وهو أن الابتداء وقع بذکر المکان والمکانیات، ثم ذکر عقیبة الزمان والزمانیات وذلک لأن المکان والمکانیات أقرب إلى العقول والأفکار من الزمان والزمانیات لدقائق مذکورة فی العقلیات الصرفة والتعلیم الکامل هو الذی یبدأ فیه بالأظهر فالأظهر مترقیاً إلى الأخفى فالأخفى» (1990م، ج12، ص 166).

تقدّم الجار والمجرور «إلیه» على المبتدأ المؤخر «مرجعکم» للحصر والاختصاص فی الآیة: «ثُمَّ إِلَیْهِ مَرْجِعُکُمْ ثُمَّ یُنَبِّئُکُمْ بِمَا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَª (الأنعام 6: 60). وهذا التقدیم تذکیرٌ للمخاطب وتأکیدٌ على أن الإنسان یرجع إلى الله $ فی النهایة. وفی ذکر «بِمَا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» ملاحظة وهی أن التقدیم فی أول الآیة یحثّ المخاطب على مواصلة الکلام فیدرک أن الله $ هو الذی یحاسب أعماله وینظر فی دفتر أعماله وهذا یثیر الخوف من فوات الفرص فی ذهن المتلقی الغافل.

تقدم الظرف الذی هو الخبر «عنده» على المبتدأ «مفاتح الغیب» وذلک لاختصاصه تعالى بعلم الغیب والمقدورات الغیبیة إثر بیان اختصاص کلها به تعالى من حیث القدرة و«أکد ذلک الاختصاص بأسلوب آخر هو أسلوب القصر» (السامرائی،2006: 51)، فقال: «وعِندَهُ مَفاتِحُ الغَیبِ لا یَعلَمُهَا إلا هُوَª (الأنعام 6: 59).

 

2ـ 2ـ 2ـ تقدیم المفعول به على عامله      

أسلوب التقدیم والتأخیر سبیل لإثارة أفکار المتلقین وسبب لتنشیط وفاعلیة النص والغرض الأساس فی تقدیم المفعول فی السورة راجع إلى الإنکار أو التعجب أو الاعتناء بالمتقدم، أو التخویف. 

 من نماذجه هی الآیة:«قُلْ أَغَیْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِیًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُویُطْعِمُ وَلَا یُطْعَمُª (الأنعام 6: 14)، فقدّم المفعول الأول لـ«اتخذ» وهو قوله: «غیر الله» فی الآیة للاهتمام به، إذ هو محطّ الإنکار وهو ما یسمى بالاستفهام الإنکاری حیث حصر المفعول هنا فتوجه الإنکار إلیه کما أفاد تقدیم المفعول «غیر» فی الآیة: «قُلْ أَرَأَیْتَکُمْ إِنْ أَتَاکُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَو أَتَتْکُمُ السَّاعَةُ أَغَیْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَª (الأنعام 6: 40)، من الحسن والمزیة والفخامة.

منها: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا یُفَرِّطُونَª (الأنعام 6: 61)، استخدم المفعول­ به «أَحَدَکُمُ» مقدماً على فاعله «الْمَوْتُ» للتخویف حتى تستعدّ النفس للموت الذی سوف یأتی إلیها ولا محید لها عنه. فیوحی هذا الأسلوب على المتلقی بظلٍّ من الخوف کأنه یشعر الموت ویهلکه فی هذه اللحظة التی یسمع هذه الآیة.

وفی الآیة: «وَکَذَلِکَ زَیَّنَ لِکَثِیرٍ مِنَ الْمُشْرِکِینَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَکَاؤُهُمْ لِیُرْدُوهُمª (الأنعام 6: 137)، أخّر «شُرَکَاؤُهُمْ» عن المفعول به، اعتناء بالمقدم واهتماما به لأنه موضع التعجب، فالتعجب لیس فی أمر الشرکاء بقتل الأبناء، بل التعجب راجع إلى استجابة الآباء أمر الشرکاء فی قتل أبناءهم بما لبس علیهم من هذا الدین الباطل مع أن غریزة الأبوة وعاطفة الوالدیة تدفع الآباء إلى افتداء الأبناء بکل ما یملکون ولو کان بذواتهم فیستعذبون موت أنفسهم فی سبیل أبنائهم، فهذا هو موطن التعجب ولهذا تقدم فی الذکر.

 

2ـ 2ـ 3ـ تقدیم الجار والمجرور

لهذا الأسلوب دلالته الخاصة وهی أنه استخدم للاختصاص وللاعتناء بالمتقدم واستخدم فی الحوارات بین الرسول والله $ وبین الرسول والمشرکین. یقول الله سبحانه وتعالى: «عَلَى الَّذِینَ هَادُوا حَرَّمْنَا کُلَّ ذِی ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُمَاª (الأنعام 6: 146)، تقدم الجار والمجرور «عَلَى الَّذِینَ هَادُوا» على متعلقه «حَرَّمْنَا» لإفادة الاختصاص؛ أی علیهم وحدهم لیس على أحد آخر من الأمم وکذلک هی نفس علة التقدیم فی قوله تعالى فی الآیة الرقم ( 149).

قد تقدم الجار والمجرور «عَلَیْهِمْ» على الخبر «بِوَکِیلٍ» فی قوله تعالى: «وَمَا أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِوَکِیلٍª (الأنعام 6: 104)، یوکد هذا التقدیم على الاهتمام والاعتناء بنفی الوکالة عنهم خاصةً سواء کانت الوکالة هنا بمعنى وکالته بهدایتهم أو بمعنى الوکالة بحفظهم، إذ کل ذلک من خصائص الله $ دون من سواه.

 

2ـ 2ـ 4ـ التقدیم المعنوی

 والغرض من التقدیم المعنوی هو تقدیم بعض المعانى  على البعض الآخر، کتقدیم ذکر سریع العقاب على غفور رحیم أو تقدیم الضرّ على الخیر. لیس أساس هذا الأسلوب من التقدیم العدولَ عن القواعد النحویة بل أساسه هو تقدیم المعنى فی السیاق ویبین هذا التقدیم أن للقرآن الکریم نظماً خاصاً فی تنسیق ألفاظه وتراکیبه وإن غیّر مکان اللفظة زال المعنى وانتقص التعبیر. ومن نماذجه تقدیم الضرّ على الخیر: «وَإِنْ یَمْسَسْکَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا کَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُو وَإِنْ یَمْسَسْکَ بِخَیْرٍ فَهُو عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌª (الأنعام 6: 17)، وذلک راجع إلى وقت نزول السورة، فهی سورة مکیة نزلت آیاتها مخبرة عن حال الکفار من معارضتهم وتکذیبهم للرسالة وصاحبها وما تعرض له من الاستهزاء به والسخریة منه، کما هو فی الآیة العاشرة،کذلک الأمر له أن یخبرهم بأثر المعصیة وعقوبة الشرک فی الآیتین السابقتین على هذه الآیة ولما کان ذلک کله ضرر فی الدنیا حاصل من المشرکین وضرر فی الآخرة لمن تنکب الصراط المستقیم ولما کان الله تعالى وحده هو القادر على کشف ذلک، وکانت التخلیة مقدمة على التحلیة، تقدم الضرّ على الخیر فی هذه الآیة. «وفی تقدیم الشر هنا على الخیر ما یملأ مشاعر الإنسان خوفاً من الله وتعلقاً به واتجاهاً إلیه فإن الإنسان فی الخیر کثیراً ما یذهل عن الله ویغفل عن ذکره، ولکنه فی حالة الشدة والضرّ یذکر الله» (الخطیب، 1963م، ج7، ص157).

 من نماذجه «فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأَى کَوْکَبًا قَالَ هَذَا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِینَ، فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ یَهْدِنِی رَبِّی لَأَکُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّین،َ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّی هَذَا أَکْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ یَا قَوْمِ إِنِّی بَرِیءٌ مِمَّا تُشْرِکُونَª (الأنعام 6: 78- 76)، تقدم الجار والمجرور «علیه» على «اللیل» للاهتمام به لأن المقصود هو بیان حاله ولیس اللیل، ثم إن الترتیب المذکور فی نظر إبراهیم A فی ملکوت السموات هو ترتیب وجودی حیث نظر أولاً فی الکوکب ثم فی القمر ثم فی الشمس. والسؤال الذی یخطر بالبال هو: لماذا کان أول ما نظر إلیها إبراهیم A فی ملکوت الله $ هو الکوکب ثم القمر ثم الشمس؟ ولِمَ لم یتجه نظره أولاً إلى الشمس إذ کانت أعظم ما یواجه الإنسان فی عالم السماوات؟  والجواب:

أن وحشة اللیل ورهبة ظلامه تجعل لأی لمعة من لمعات الأنوار وقعاً على النفس وتأثیراً على المشاعر ولیست کذلک النظرة إلى الشمس التی تکاد سطوة أضوائها تذهب بکل إحساس وجودها. هذا ما نراه فی نظر إبراهیم إلى هذا النجم أولاً ثم القمر ثانیاً ذلک أن هذا الکوکب وهو نجم من تلک النجوم التی یتلألأ ضوؤها کلما اشتد ظلام اللیل وأطبقت حلکته وهو فی تلک الحال أفعل فی النفس وأکثر إلفاتاً للنظر من القمر الذی یغمر نوره ما احتواه اللیل کله، وإذ لم یرَ إبراهیم فی ملکوت الله وما یبزغ فیه من نجم أوقمر إذ لم یرَ فی هذا الملکوت إلهه الذی ینشد شخص ببصره إلى ملکوت النهار فرأى الشمس تبسط سلطانها فعلق بها نظره واحتواها عقله وقلبه وقال: «هذا ربی هذا أکبر» (رشیدرضا،1947م، ج7، ص 224 ـ 225)

من خلال دراسة السورة ظهرت نماذج متنوعة من التقدیم والتأخیر منها ما تفرضه القواعد النحویة العامة ومنها ما تشکل لیحقق هدفاً بلاغیاً یلفت الانتباه إلیه، فتشکل تلک التراکیب العدولیة فیما بینها ظاهرة أسلوبیة تحفل بالعدید من اللطائف البلاغیة ومع تنوع الجمل التی یتکون منها النص الأدبی بین اسمیة وفعلیة وترتیب المسند مع المسند إلیه واللواحق وأشباه الجمل وما یتعلق بهما یتکون مجال الدراسة والذی نسعى من وراءه معرفة أسرار المتقدم وکشف العنایة به، وتتحق بذلک نظرة أسلوبیة تجاه التقدیم والتأخیر باعتباره مقوّماً ترکیبیاً کاشفاً عن فنیة الأسلوب وأدبیة النص.

 

2ـ 3ـ أسلوبیة الاستفهام

الاستفهام من الأسالیب التی تدخل فی علم المعانی وله وقع خاص فی النص الأدبی على مستوى المبدع والمتلقی وذلک لتحرک هذا الأسلوب بین معانٍ سیاقیة مختلفة تکشفها بعض السیاقات وطبیعة المرسل حینا والمتلقی والرسالة فی أحیان أخرى، فتعدل عن معنى مألوف إلى معان یفرضها السیاق، فی مستویات العمل الأدبی المتباینة، بالإضافة إلى التنوع فی الأسالیب مما یضفی قیما جمالیة، ففی التنوع الأسلوبی جمال متحقق، کما «یحدث الاستفهام تنوعاً من ذاته وذلک لتنوع أدواته والمعانی التی یفیدها مما یبعد النص الأدبی عن النمطیة والرتابة التی تذهب برونق العمل الأدبی، بالإضافة إلى ما یقتضیه أسلوب الحوار بین الأنبیاء وأقوامهم لإقامة الحجة والإقناع وامتزجت بالنصیحة فی کثیر من الأحیان» (مصطفى،1981م، ص 253).

یخرج الاستفهام عن مفهومه الأصلی إلى معان أخرى فی السورة لیحقق أغراضاً بلاغیة، کالإنکار، والتقریر، والأمر، والتعجب والنفی. بما أن محور النص هو الجدال بین الحق والباطل وبین النبی9 والمشرکین، فتارة ینکر المشرکون الحق والتوحید، والنبی 9یقرر ویؤکد المعنى معاکساً لعملهم. وتارة أخرى یأمر الله النبی بإبلاغ رسالته أو ترک المشرکین على حالهم أحیاناً، فهذه الثلاثة أهم الأغراض المعنویة للاستفهام ثم جاء بعدها التعجب من أعمال المشرکین وفی النهایة جاء النفى.

 

2ـ 3ـ 1ـ الإنکار

سوره الأنعام هى تصویر دقیق عن دعوة النبی 9 الناس إلى الله ودین الحق، فعاند المشرکون أمام هذه الدعوة وأنکروا کلام النبی مستخدمین أسالیب الکلام، کالجدل والاستفهام اللذین من أقوى أسالیب الکلام للدعوة والمخالفة. کان یجتهد النبی 9 لهدایة الکفار وإرشادهم إلى صراط الحق، فاستخدم أسلوب الاستفهام لإنکار دعاویهم الباطلة وعقائدهم الزائفة حتى ینبه عقولهم ویوقظهم من الغفلة. فالاستفهام فیها هو سبیل لإنکار العقیده أو تقریر العقیدة إن کان الحق أو لا. قال تعالى: «وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّی فِی اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِکُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ رَبِّی شَیْئًا وَسِعَ رَبِّی کُلَّ شَیْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَکَّرُونَª (80) جاء الاستفهام فی هذه الآیة بأسلوب الهمزة والجملة الفعلیة بعدها فی «أَتُحَاجُّونِّی» والغرض منه هو الإنکار، إنکار الواقع منهم فعلاً وهو الجدال الفارغ فی شؤون المعبود الحق وهو الله تعالى. إن جملة «"وَقَدْ هَدَانِ" حال من ضمیر المتکلم مؤکدة للإنکار، فإن کون إبراهیم A مهتدیاً من جانب الله تعالى ومؤیّداً من عنده مما یوجب استحالة محاجته A» (ابوالسعود، د.ت، ج2، ص 238)، وهکذا الأمر فی الآیات (157 و164).

إن الإنکار أکثر استعمالاً من الدلالة المجازیة للاستفهام فی السورة وهذا راجع إلى مضمون السورة الذی یؤکد على إنکار المشرکین التوحید والنبوة والمعاد.

 

2ـ 3ـ 1ـ التقریر

التقریر هو الغرض الثانی للاستفهام فی السورة، والاستفهام التقریری من مقتضیات التکریر واستخدامه فی السورة تقریر للمخاطبین بملکیة الله $ لما فی السموات والأرض. ومن الأسالیب الاستفهامیة التی تفید التقریر فی القرآن إتیان الجواب بعد الاستفهام الذی یقرر الحقائق فی نفسیة المتلقی، منها هذه الآیة: «وَلَو تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَیْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا کُنْتُمْ تَکْفُرُونَª (الأنعام 6: 30)، قوله تعالى «أَلَیْسَ هَذَا بِالْحَقِّ» استفهام تقریری، واسم الإشارة «هذا» یشیر إلى ما شاهد الکفار من البعث وما یتبعه من الأمور العظام وهذا تقریع لعملهم على تکذیبهم لذلک، فإتیان الجواب «قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَاª بعد هذا الاستفهام یکشف الستار عن شک فی اعتراف الکفار بحقیقة المعاد والقیامة، فهم معترفون بحقیقة هذا ویریدون التقرب إلى الله $ ولهذا یستخدمون عبارة «وَرَبِّنَا» طمعاً للنفع من هذا التقرب (ابوالسعود، د.ت، ج2، ص 193)، واستخدم الاستفهام لهذا الغرض فی الآیة (12).

 

2ـ 3ـ 3ـ الأمر

لاستخدام أسلوب الاستفهام فی السورة فی مجرى الأمر ملاحظتان؛ الأولى: فیه نوع من التلطیف والعطوفة التی تتناسب روح الدعوة وروح النبی 9، هو یأمر الناس غیر مباشرة أن یفکروا فی حقیقة الأمور والخلقة حتى یتذکروا بالخالق الواحد للعالم، والثانیة أن أکثر أسالیب الاستفهام استخداماً فی مجرى الأمر هو أسلوب «أفلا + الفعل المضارع للجمع». فبما أن مخاطب کلام القرآن الکریم جمیع البشر ولا شخص واحد فأتى بصیغة الجمع ویفید أسلوب «أفلا» التنبیه والتوبیخ وهذا هو سبب تکرار هذا الأسلوب فی سورة الأنعام.

 هذا الغرض واضح فی أسلوب «أفلا + الفعل المضارع للجمع» الذی استخدم فی «أَفَلا تَتَفَکَّرُونَª (الأنعام 6: 50)، و«أَفَلا تَتَذَکَّرُونَª (الأنعام 6: 80)، وهو تقریع وتوبیخ ممزوج بالأمر ودال على توبیخ المشرکین لترک التفکر وترک تذکر رحمة الله $ وحاکمیته على العالم. إن فی تکرار التاء وتشدید الیاء نوعاً من التأکید والتنبیة للمتلقی ویلقی هذا الإیقاع موجة من التفکر على المتلقی وإضافة إلى ذلک أن فی أسلوب «أفلا» نوعاً من التنبیه والتوبیخ الذی یحرّض المتلقی لأداء الفعل الذی قد غفل عنه.

2ـ 3ـ 4ـ التعجب

استخدم القرآن الکریم أداة «کیف» الاستفهامیة للتعجب من عمل أو شیء عجیب واستخدمت فی السورة کسبیل لبیان التعجب من أعمال المنکرین والمشرکین الذین عاشوا قبل النبی9، أو لبیان التعجب من عدم تنبیه المشرکین وعنادهم أمام النبی 9 کما یلاحظ فی الآیة:«قُلْ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا کَیْفَ کَانَ عَاقِبَةُ الْمُکَذِّبِینَª (الأنعام 6: 11). لیست أداة «کیف» فی الآیة استفهاماً محضاً بل له معنى مجازی وهو التعجب للدلالة على حال الأمم السالفة المعذبة التی جحدوا الحق والرسل الکرام. إن مجموع الترکیب «انْظُرُوا کَیْفَ کَانَ عَاقِبَةُ الْمُکَذِّبِینَ» مستعمل فی التعجیب مما حدث لهم والتعریض بمشرکی العرب لمشابهة حالهم حال الأمم الهالکة.

2ـ 3ـ 5ـ النفى                                                      

إحدى الأغراض الثانویة للاستفهام فی هذه السورة هی النفی الّذی یفید الاختلاف والتباین بین الکفار والمؤمنین وبین الحیاة الدنیویة والأخرویة، منها قوله تعالى: «أَوَمَنْ کَانَ مَیْتًا فَأَحْیَیْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا یَمْشِی بِهِ فِی النَّاسِ کَمَنْ مَثَلُهُ فِی الظُّلُمَاتِ لَیْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا کَذَلِکَ زُیِّنَ لِلْکَافِرِینَ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَª (الأنعام 6: 122)، هذه الآیة تعقیب کاشف عن أحوال المؤمنین والکافرین الذین تعرضت لهم السورة. والاستفهام الذی استهلت به هذه الآیة استخدم لنفی المساواة بین الفریقین: المؤمنین والکفار بمختلف ضلالاتهم وعمایاتههم وببیان آخر فهو یکون لإنکار التماثل بین الحالتین.

فالغایة الأسلوبیة من الاستفهام البلاغی هی تقریر وتثبیت للوحدانیة الله سبحانه وتعالى ومشارکة القاریء أو السامع فی التفکیر، ففی ذلک إثارةٌ للانتباه وتحریک للشعور وتشویق لمعرفة الجوانب الدینیة والمعنویة للآیات القرآنیة.

 

2ـ 4ـ أسلوبیة الالتفات

أسلوب الالتفات هو من السبل التعبیریة أو الألوان البلاغیة التی یشیع استخدامها فی القرآن الکریم، بل لعله أکثر هذه الألوان تردّداً وأوسعها انتشاراً فی البیان الخالد. فالالتفات هو الساحة الوحیدة التى تنظر البلاغة القدیمة فیها إلى المبدع الأدبی وتأثیره فی خلق النصوص الأدبیة وله أهمیة خاصة فی البلاغة القدیمة والأسلوبیة الحدیثة.

للالتفات أنواع متعددة، تختلف باختلاف الأسالیب، فالرجوع من الغیبة إلى الخطاب، یختلف عن الرجوع من الخطاب إلى الغیبة والانتقال من التکلم إلى الخطاب یختلف عن الانتقال من الخطاب إلى التکلم. إن مخالفة ما یترقبه السامع شرط جوهری لتحقق صور الالتفات فإن إثارة المتلقی وجذب انتباهه هی الفائدة أو الوظیفة الفنیة العامة التی یحققها أسلوب الالتفات فی نظر معظم البلاغیین (طبل،1998م، ص 47).

یعدّ الالتفات من الظواهر الأسلوبیة اللافتة، حیث ینشّط ذهن السامع وینبّهه فی أغلب الأحیان ویکمن جماله فی انتقاله من أسلوب إلى أسلوب، مما یعمق المعنى فی الذات ویرسخ الفکرة فی الذهن وینبه العقول. وفی سورة الأنعام أسالیب من الالتفات الذی تتناسق فیه الألفاظ وترتیب الضمائر وتغییر الأفعال مع الغرض الدینی لها.

 

2ـ 4ـ 1ـ من التکلم إلى الغیبة

هذا الأسلوب من أشهر أسالیب الالتفات وأکثرها استخداما فی السورة حیث استخدم خمس عشرة مرة، یفید هذا الأسلوب بیانا لعظمة قدرة الله سبحانه وتعالى واعتناءا بالموضوع أو العقیدة المطروحة فی الآیة، أو هو سبیل لتنبیه المتلقی. ومن مواضیع استخدامها فی سورة الأنعام، قوله تعالى: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ یَطِیرُ بِجَنَاحَیْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُکُمْ مَا فَرَّطْنَا فِی الْکِتَابِ مِنْ شَیْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ یُحْشَرُونَª (الأنعام 6: 38)، فی قوله تعالى «ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ» بعد قوله تعالى «مَا فَرَّطْنَا» جاء الالتفات إلى الغیبة مراعاة لأحوال المتلقی وسیاق الکلام، فظهر کلمة «رب» لیذکر الله $ المتلقین أن مالک أمور البشر وجمیع المخلوقات هو الله $ وهو الذی یتصرف فی أمورهم کیف یشاء. ففی الجملة حاجة معنویة إلى هذا الالتفات والانحراف، لأن محور النص یوم القیامة ومقامه مقام تهویل وتفظیع، والغیبة هی الصیغة التی تتناسب المقام فکلمة «ربّ» تزید فی معنى القدرة والتمکن منهم جمیعاً.

هذه الظاهره واضحة فی الآیة: «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَیَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَیْرِ عِلْمٍ کَذَلِکَ زَیَّنَّا لِکُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَیُنَبِّئُهُمْ بِمَا کَانُوا یَعْمَلُونَª (الأنعام 6: 108)، وکان هذا الانحراف الأسلوبی مقتضى هذا السیاق وسرّه أنه یتضمن وعداً جمیلاً للمحسنین ووعیداً ثقیلاً للمسیئین فمعاد العباد ومصیرهم إلى الله $ وهو مالک أمورهم وحاسب أعمالهم. وفی ذکر کلمة «رب» تحریک لنفوس المتلقین وتنبیه لها على ما فیه أمرها لعل المتلقی الجاحد یرجع إلى ربه ویتفیء بظلال رحمة وغفران ربه الکریم.

 

2ـ 4ـ 2ـ من الغیبة إلى التکلم

 جاء أسلوب الالتفات من الغیبة إلى التکلم اثنتی عشرة مرة فی السورة وأکثر مواضع استخدام هذا الأسلوب فی بیان عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته أو بیان شأن الموضوع أو الفرد واستخدم لتهویل المتلقی، منها قوله تعالى: «وَهُوالَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ کُلِّ شَیْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا... ª(الأنعام 6: 99)، ولو جاء الکلام متطابقاً لقیل: وهو الذی أنزل من السماء ماء فأخرج، ولکنه فی عدوله عن المطابقة بالانتقال من ضمیر الغیبة إلى ضمیر المتکلم وبنون العظمة بلفظ الجمع، إشعارٌ بعظمة الله $ وقدرته البالغة فی إنزال الماء وإخراج نبات کل شیء فهذا العدول هو لإظهار کمال العنایة بشأن ما أنزل الماء لأجله (طبل، 1998م، ص 133 ـ 132). وهذا الغرض من الالتفات واضح فی الآیة: «مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ کَذَّبَ بِآَیَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ عَنْ آَیَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا کَانُوا یَصْدِفُونَª (الأنعام 6: 157)، وفیه تهویل لأن ذکر الفعل مع ضمیر المتکلم الجمعی ینبیء عن شدة العذاب وهذا تهویل للمتلقی الذی هو فی غایة الظلم.

2ـ 4ـ 3ـ من التکلم إلى الخطاب

من الصور الأخرى التی برزت حضورا  بارزا  فی سورة الأنعام الالتفات من التکلم إلى الخطاب: «قُلْ أَغَیْرَ اللَّهِ أَبْغِی رَبًّا وَهُو رَبُّ کُلِّ شَیْءٍ وَلَا تَکْسِبُ کُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَیْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّکُمْ مَرْجِعُکُمْ فَیُنَبِّئُکُمْ بِمَا کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَª (الأنعام 6: 164)، کان مقتضى هذا التکلم قوله «ثم إلى ربی مرجعکم» بدل قوله تعالى «إِلَى رَبِّکُمْ» فأراد الله أن یفاجئ المتلقین بحقیقة قد تعیدهم إلى رشدهم وهدایتهم وتوقظ قلوبهم الغافلة التی لم تصل إلى درجة لتنقذها من الهلکة والوساوس الشیطانیة، فجعل أمر الرجوع مسبوقاً بکلمة «ربکم» المسندة إلى ضمیرهم. فأتى هذا المقطع مغایراً لما قبله طلباً لإیقاظ القلوب وکذا «تلوین للخطاب وتوجیه له إلى الکل لتأکید الوعد وتشدید الوعید أی إلى مالک أمرکم وربکم رجوعکم یوم القیامة. فاستخدام الخطاب أفضل لهذا السیاق» (أبوالسعود،د.ت، ج2، ص 316).

 

 2ـ 4ـ 4ـ من الخطاب إلى الغیبة 

الأسلوب الآخر للالتفات فی السورة التی لها دور تعبیری خاص فی الکلام هو الالتفات من الخطاب إلى الغیبة:«وَهُو الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَیُرْسِلُ عَلَیْکُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا یُفَرِّطُونَª (الأنعام 6: 61)، «ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُکْمُ وَهُو أَسْرَعُ الْحَاسِبِینَª (الأنعام 6: 62)، وکان مقتضى السیاق «رددتم» بنفس الصیغة التی وردت فی قوله تعالى «حتى إذا جاء أحدکم» وعدوله $ عن الخطاب إلى الغیبة إشارة إلى أن الرجوع إلى الله $ بالبعث حکم عام ینسحب على المخاطبین وسواهم منذ خلق الله الخلق إلى أن تقوم الساعة فلو أتى ضمیر الخطاب فی هذا الموضوع لاقتصر حکم الرجوع على المخاطبین وهذا بخلاف الأصل.

ملخص القول أن الالتفات أحد میزات أسلوبیة فی السورة ویخدم هذا الانحراف الأسلوبی السیاقَ والمعنى فعندما یتحدث الله سبحانه وتعالى عن مظاهر قدرته یعدل عن الخطاب والتکلم إلى الغیبة وینبیء هذا العدول إلى الغیبة بمقامه العالی وحاکمیته الواحدة على العالم. وفی بعض الأحیان یبین أسلوب الالتفات عظمة وجود الله سبحانه وتعالى ویوعد المشرکین ویبشر المؤمنین. فهذا العدول بین الضمائر والصیغ الفعلیة فی السورة آیة عن محور المعنى فیها وهو جدال الشرک والتوحید فجاء الالتفات الأسلوبی متناسقاً مع تغییر الکلام عن الشرک والإیمان.

 

2ـ 5ـ أسلوبیة الحوار القرآنی

لما کانت القضیة الأساسیة فی القرآن المکی هی تقریر العقیدة دار معظم آیات السورة حول هذا الهدف الأساسی، کما اشتملت السورة الکریمة على ذکر بعض الأحکام العملیة وجملة من الأصول الشرعیة، فقد تعرضت السورة لجمیع مسائل العقیدة: الإیمان بالله تعالى وملائکته ورسله وکتبه والیوم الآخر والقدر، متناسقاً مع الظروف التبلیغیة فی زمن بعثة النبى 9. والحوار أصل فی محاجة جمیع الکفار وکشف ما هم علیه من ضلال وتفنید شبهاتهم وبیان العقیدة الصحیحة وإثباتها بالأدلة والبراهین.

هذه السورة تصویر عن الحوار المنتظم والفنی مع الخصم الکافر لاشتمالها على الأسالیب المتنوعة فی تقویض دعائم الشرک وترسیخ قواعد الإیمان ودحض شبه أهل الزیغ والضلال وإبطال ما کان علیه فی الجاهلیة من معتقدات فاسدة وتقالید راکدة، فللحوار فیها اللفتات الأسلوبیة الملحوظة التی یظهر لنا تبیینها ذروة کلام الله $ فی أسلوبیتها الطریفة وعنایته سبحانه وتعالى للظروف الفکریة والاجتماعیة لمخاطبی القرآن. وما یجدر ذکره أن صور الحوار فیها تنقسم الى سبعة وهی حوار الله تعالى للمشرکین، وحوار المشرکین مع الرسول، وحوار إبراهیم u مع قومه، وحوار الرسول 9 مع المشرکین، وحوار الرسول 9 مع المؤمنین، وحوار الملائکة مع المشرکین، وحوار الله $ مع المؤمنین.

  بعد تأمل دقیق فی هذه الحوارات السبعة یدرک انسجامها مع مقاصد السورة وأهدافها ومحورها وسیاقها. ودور الحوار هو ترسیخ أصول العقیدة الثلاثة، وهی: «التوحید، والنبوة، والمعاد» فی ذهن المتلقی. وقد شغلت قضیة التوحید ووحدانیة الله $ ونفی الشرکاء عن الله سبحانه وتعالى حیزاً کبیراً فی هذه الصور المختلفة للحوار فی السورة.

هذه الحوارات متباینة بتباین أطرافها وأهدافها. وهذه الصور للحوار واضحة جلیة مع ما اشتملت علیه من دقائق المعانی ولطائف المعارف وروائع الأسالیب البیانیة. یرى الهول والفزع الذی یملأ قلوب المشرکین فی صور حوار المشرکین مع الله $ فی مشهد القیامة من خلال استخدام صیغة القسم والأصوات المتزلقة فی احتجاجاتهم.

وقد جاءت صیغة «قل» متکررةً فی أکثر صور الحوار الوراردة فی السورة فهذه تشیر إلى أهمیة الموضوع وضرورة التنبّه إلى مصادیقها وفیه وعید وتهدید للکفار، وإشارة إلى الوظیفة التبلیغیة للنبی 9. یعدّ ذکرَ لفظة «قول» فى السورة من أدوات الوحدة الفنیة والموضوعیة بین السیاقات الواردة فیها، کما هو بارز فی هذه الآیات: «قُلْ مَنْ ... مِنَ الشَّاکِرِینَ ، قُلِ اللَّهُ ... ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِکُونَ ، قُلْ هُو الْقَادِرُ ... وَهُو الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَیْکُمْ بِوَکِیلٍ ... بِمَا کَانُوا یَکْفُرُونَ، قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ ... إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ ... هُو الَّذِی إِلَیْهِ تُحْشَرُونَª (الأنعام 6: 72 ـ 63)، محور النص فی هذه السیاقات هو التوحید، وقد أعطى تکرار صیغة «قل» للنص وحدة معنویة وهی التوحید وإیقاعاً  شدیداً خاصاً یضرب الآذان ویمحو عنها الوقر والغفلة.

 استخدم الله سبحانه وتعالى أسالیب الاستفهام فی الحوارات فی سورة الأنعام حتى یقوّی المعنى ویؤکده للمتلقی المنکر أو الشاک واستخدم صیغة «أرأیتم» أو «أرأیتکم» فیها خلال الحوار کثیراً، ففی هذا الأسلوب نوع من التنبیة والأمر للتدبر فی حقانیة الله $ ورسوله 9 وحقیقة البعث وفیه نوع من تحقیق الفعل الذی سأل الله تعالى عنه لأنه جاءت على زنة الماضی، فالفعل الذی یقع فی المستقبل کأنه وقع فی الماضی وأخبر القرآن الکریم الکفار عن هذه الحقائق قائلاً:«قُلْ أَرَأَیْتَکُمْ إِنْ أَتَاکُمْ عَذَابُ اللَّهِ ... وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ، قُلْ أَرَأَیْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَکُمْ ....ثُمَّ هُمْ یَصْدِفُونَ، قُلْ أَرَأَیْتَکُمْ إِنْ أَتَاکُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَو جَهْرَةً هَلْ یُهْلَکُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَª (الأنعام 6:47 ـ 40).

استخدم القرآن الکریم الاستفهام فی هذا السیاق الحوارى لیکون أوقع فی النفس وأبلغ فی فهم المحاور ودعی إلى اقتناعه وتسلیمه. وإخراج الکلام بصیغة الاستفهام أبلغ فی فهم المتعلم، فإن الإنسان إذا سئل عن مسألة لا یعلمها ثم أخبر بها بعد الامتحان بالسؤال عنها فإن ذلک أوعى لفهمها واستیعابها وحفظها (الشرقاوی، 1427هـ، ص 47). وقد استخدم  الله سبحانه وتعالى أسلوب الاستفهام الذی یؤکد المعنى فی ذهن المتلقی وینبهه على أهمیة إطاعة الله $ ودعوة رسله الذی هو السبیل الوحید للسعادة الأبدیة ویدعو المتلقی إلى التفکر والتدبر فی حقانیة الله $ ورسله والمعاد من خلال الإیقاع الصوتی لتکرار صیغة «قل» و«أرأیتم » فی أسالیب الاستفهام.

إن الحوار فی بعض الآیات تسلیة وتثبیت للنبی 9لأن الله $ یتکلم مع النبی کصدیق حمیم وحبیب کریم، فهو یرافقه ولا یترکه وحیداً أبداً. یقول الله سبحانه تعالى مخاطباً النبی 9: «قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَیَحْزُنُکَ الَّذِی یَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا یُکَذِّبُونَکَ وَلَکِنَّ الظَّالِمِینَ بِآَیَاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ & وَلَقَدْ کُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِکَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا کُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِکَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَکَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِینَ & وَإِنْ کَانَ کَبُرَ عَلَیْکَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِیَ نَفَقًا فِی الْأَرْضِ أَوسُلَّمًا فِی السَّمَاءِ فَتَأْتِیَهُمْ بِآَیَةٍ وَلَوشَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَکُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِینَ & إِنَّمَا یَسْتَجِیبُ الَّذِینَ یَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَª(الأنعام 6: 33 ـ 36). یلقی على النبی الخطاب المکرّر  الذی یتجلى فی تکرار ضمیر المخاطب «ک» جوّاً من الألفة والاطمئنان لأنه یشعر بصورة غیر مباشرة حضور الله $ ومساعدته فی جمیع الأحوال. ورد القرآن الکریم فی هذا السیاق مصیر الأنبیاء السابقین ومصیر مخالفیهم وذکر قصة مجادلة ومخالفة الکفار مع الرسل فی العصور الماضیة وصرّح أن الحق ونبی الحق هو المنتصر وإن کان یواجه المشاکل والمصائب الکثیرة فی هذا الطریق.

 

3. نتائج البحث

من أهم ما توصل إلیه البحث من النتائج ما یلی:

ـ أبرز الظواهر الأسلوبیة فی السورة هو ظاهرة التکرار، والتقدیم والتأخیر، والاستفهام، والالتفات، والحوار. ومعدل تکرارها فی هذه السورة یشیر إلى دورها الهام فی تبیین وتأکید الموضوع الأساس فیها وهو التوحید.

ـ برز التکرار المفید للألفاظ أو السیاق بصورة ملحوظة فی السورة وقد ساهم فی إبراز التناسق والوحدة الموضوعیة فیها والتأکید على أصول العقیدة الثلاثة؛ التوحید والنّبوة والمعاد.

ـ یفید التقدیم اللفظی والمعنوی الحصر والاختصاص ویثیر أفکار المتلقین وهما سبب لتنشیط وفاعلیة النص.

ـ أسلوب الاستفهام یصوّر إنکار الکفار لحقانیة الله $ ودینه وقبح عملهم، کما یفید التباین والاختلاف الکثیر بین الحق والباطل وبین حیاة الکافر والمؤمن ویقرّر حقانیة الله $ والمعاد فی نفوس المخاطبین. هذا أسلوب یعطى للسورة طابعاً قریباً بالطابع القصصی والذی یمحو الملل عن المتلقی ویدعوه إلى التفکر والتأمل فی الآیات.

ـ لقد تنوع أسلوب الالتفات فی سورة الأنعام لیضفی على البناء الفنی عناصراً جمالیة ویثری النص فی ملامح الشدّ والجذب والإثارة. ومن أکثر أسالیب الالتفات استخداما فی السورة الالتفات من التکلم إلى الغیبة والغیبة إلى التکلم.

ـ أدّى أسلوب الحوار فی السورة دورا هاما فی بیان توحید الله $، فامتزج الحوار بالتصویر الحقیقی حتى أدّّى دوره التبلیغی لرسالة النبی 9، فهو من أدوات الانسجام والربط بین المقاطع المختلفة فی السورة

  1.  القرآن الکریم

    1. أبو السعود الحنفی. (د.ت). تفسیر أبی السعود أو إرشاد العقل السلیم إلى مزایا الکتاب الکریم. (تحقیق عبد القادر أحمد عطا). الریاض: مکتبة الریاض الحدیثة.
    2. أبو العدوس، یوسف. (2010م). الأسلوبیة: الرؤیة والتطبیق. (ط2). عمان: دار المسیرة للنشر والتوزیع والطباعة.
    3. البطل، علی. (1983م). الصورة فی الشعر العربی. (ط3). بیروت: دار الأندلس.
    4. بوراس،سلیمان. (2009 ـ 2008م). القرائن العلاقیة وأثرها فی الاتساق «سورة الأنعام نموذجا» دراسة وصفیة إحصائیة تحلیلیة. رسالة جامعیة لنیل درجة الماجستر. جامعة الحاج لخضر باتنة، الجزائر.
    5. الخطیب، عبدالکریم. (د.ت). التفسیر القرآنی للقرآن. بیروت: دار الفکر.
    6. رشیدرضا، محمد. (2007م). تفسیر القرآن الکریم الشهیر بتفسیر المنار. (ط1). بیروت: دار الفکر للطباعة والنشر والتوزیع.
    7. رفیق أحد صالح، معین. (2003م). دراسة أسلوبیة فی سورة مریم. رسالة الماجستیر. جامعة النجاح الوطنیة فی نابلس.
    8. الزمخشری، ابوالقاسم محمود بن عمر. (1998م). الکشاف عن حقائق غوامض التنزیل وعیون الأقاویل فی وجوه التأویل. (ط1). الریاض: مکتبة العبیکان.
    9. السامرائی، فاضل صالح. (2006م). التعبیر القرآنی. (ط4). عمان: دار عمّار.

    10.السید، شفیع. (2009م). الاتّجاه الأسلوبی فی النقد الأدبی. (ط2). القاهرة: مکتبة الآداب.

    11.سید قطب. (1967م). فی ظلال القرآن. لبنان: دار إحیاء التراث العربی.

    12.شاملى، نصرالله؛ وسمیه حسنعلیان (1432هـ). «دراسة أسلوبیة فی سورة "ص"». آفاق الحضارة الإسلامیة. تهران: معهد العلوم الإنسانیة والدراسات الثقافیة. السنة الرابعة عشرة. العدد الأول. ص61 ـ 84.

    13.شحاته، عبدالله محمود. (1976م). أهداف کل السورة ومقاصده فی القرآن الکریم. القاهرة: الهیئة المصریة العامة للکتّاب.

    14.الشرقاوی، أحمد محمد. (1428هـ). الحوار القرآنی فی ضوء سورة الأنعام دراسة موضوعیة. بحث مقدم إلى المؤتمر العالمی حول الحوار مع الآخر فی الفکر الإسلامی بجامعة الشارقة. کلیة الشریعة والدراسات الإسلامیة قسم أصول الدین.

    15.طبل، حسن. (1998م). أسلوب الالتفات فی البلاغة القرآنیة. القاهرة: دار الفکر العربی.

    16.عبدالرحمن، مروان محمد سعید. (2006م). دراسة أسلوبیة فی سورة الکهف. رسالة جامعیة لنیل درجة الماجستر. جامعة النجاح الوطنیة، نابلس.

    17.عودة، خلیل. (2003م). «المصطلح النقدی فی الدراسات العربیة المعاصرة بین الأصالة والتجدید: الأسلوبیة نموذجا». مجلة جامعة الخلیل للبحوث، العدد 27. ص46-63.

    18.العمار، عبدالعزیز بن صالح. (2007م). الخصائص الموضوعیة والأسلوبیة فی حدیث القرآن عن القرآن. (ط1). دبى: جائزة دبى الدولیة للقرآن الکریم.

    19.الفخر الرازی. (1990م). التفسیر الکبیر أو مفاتیح الغیب. بیروت: دار الکتب العلمیة.

    20.فضل، صلاح. (1998م). علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته. (ط1). القاهرة: دار الشروق.

    21.القرنی، شعلان بن سعد بن محمد. (1988م). التکرار فی إثبات وحدانیة الله فی القرآن الکریم وحکمته. رسالة جامعیة لنیل درجة الماجستر. جامعة أم القرى، مکة.

    22.الکرمانی، محمود بن حمزة. (د.ت). أسرار التکرار فی القرآن المسمى البرهان فی توجیه متشابه القرآن. (تحقیق عبد القادر أحمد عطا). دار الفضیلة.

    23.مسدى، عبدالسلام. (2006م). الأسلوبیة والأسلوب. (ط5). بیروت: دار الکتاب الجدید المتحدة.

    24.المسیری، منیری محمود. (2005م). دلالات التقدیم والتأخیر فی القرآن الکریم (دراسة تحلیلیة). (ط1). القاهرة: مکتبة وهبة.

    25.مصطفى، محمود السید. (1981م). الإعجاز اللغوی فی القصة القرآنیة. (ط1). الإسکندریة: مؤسسة شباب الجمعة.

    26.المطعنی، عبد العظیم إبراهیم محمد.  (1999م). التفسیر البلاغی للاستفهام فی القرآن الکریم. قاهرة: مکتبة وهبة.

    27.یوسف، عبد الکریم محمود. (2000م). أسلوب الاستفهام فی القرآن الکریم: غرضه وإعرابه. (ط1). دمشق: توزیع مکتبة الغزالی.